مستشفى بن صميم: معلمة صحية مهجورة تنتظر فرصة للعودة إلى الحياة

في قلب الأطلس المتوسط، بين مدينتي أزرو وإفران، تقف بناية شامخة رغم النسيان، شاهدة على تاريخ طبي وإنساني عريق. إنه مستشفى بن صميم للأمراض الصدرية والنفسية، المعلمة الصحية التي شيدتها سلطات الحماية الفرنسية سنة 1948، على مساحة واسعة تناهز 35 هكتارا، فوق ربوة مرتفعة وسط غابة البلوط الأخضر، بزاوية بن صميم.
لم يكن اختيار هذا الموقع اعتباطيا؛ فقد عُرف منذ عقود بجودة هوائه ونقائه الطبيعي، ما جعله المكان المثالي لإقامة مصحة تعالج داء السل، الذي كان من الأمراض الفتاكة آنذاك.
شُيّد المستشفى على شكل حرف T، ويتكون من سبعة طوابق، تحتوي على أزيد من 400 غرفة متخصصة، من غرف المرضى إلى غرف العمليات والجراحة، الحجر الصحي، قاعة الاستقبال، المطعم، المرأب، مستودع الأموات، المصاعد، وحتى قاعة سينما. كما ضم كنيسة ومسجدا، وكان مجهزا بتقنيات متطورة في تلك الفترة، مثل الكهرباء والماء الساخن.
بعد استقلال المغرب عام 1956، انتقلت إدارة المستشفى إلى وزارة الصحة المغربية، التي أغلقت أبوابه سنة 1973، مبررة القرار بانخفاض نسبة الوفيات الناتجة عن داء السل. لاحقا، تحول جزء من المباني إلى مركز استجمام خاص بموظفي وزارة الصحة، قبل أن يُستغل كمركز تدريبي في ثمانينيات القرن الماضي.
ومنذ ذلك الحين، ظل المستشفى مهجورا، تتعاقب عليه الأساطير وتتناقل الألسن روايات عن “مأوى للجن”، بينما الحقيقة أن المكان ما يزال يحتفظ ببقايا مجد صحي ضائع.
اليوم، وبينما يشهد المغرب جهودا متزايدة في تثمين التراث وإحياء المناطق الجبلية المهمشة، تبدو إعادة تأهيل مستشفى بن صميم فرصة ذهبية لا يجب تفويتها. سواء تم ترميمه ليعود مستشفى متخصصا، أو جرى تحويله إلى فندق جبلي فاخر، أو حتى مزار سياحي مفتوح، فإن هذه الخطوة ستكون ذات أثر بالغ في تنمية جهة الأطلس المتوسط اقتصاديا وثقافيا وسياحيا.
آن الأوان لإعادة الحياة إلى هذه المعلمة، ورد الاعتبار لتاريخها، وتحويلها من بناية مهجورة إلى مركز إشعاع جديد في قلب الطبيعة المغربية.
بن صميم: عبد الوهاب السحيمي
من صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي
تعليقات 0