تازة: خَمَّاسْ يستنجد بمُقَامِر في الدوار

مع اقتراب موسم الحصاد لجني المحصول اليانع من الحقول في الدوار عند الأهالي في الأعالي،  ارتأى  أحد “الخمّاسة” الذي يمارس الفلاحة والزراعة في المنطقة نيابة وبتفاهم مع “سيده” نظير حصة من المحصول، (ارتأى) أن الخمس الذي سيتبقى له من المحصول غير كاف، خاصة أن نشرة انذارية لحكماء الدوار تحذر من هبوب رياح قوية مرتقبة قد تربك جميع الحسابات والتكهنات وقد تتسبب فى إتلاف المحاصيل الزراعية في الضيعة التي يحرثها وبالتالي فإن خمس الأرباح التي سيحصل عليها لن تكون كافية للوصول إلى العتبة. 

بعد هذه العملية الحسابية والتنجيمية، طَلَبَ “خَمَّاسْ” الضيعة المذكورة نَجْدَة مالك الضيعة، ذائِع الصّيت في مجال القِمَار والخمار والمُقامرة -يخسر دائمًا-، ليأتي له، قبل موسم الحصاد، بخميسة لدرء الحسد والسحر، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا الموسم ليتمكن من تجديد العقد في الموسم المقبل. 

في اليوم المعلوم حضر المقامر وبدأ يشرح ويفسر “التضليل” ب”الظل”، و”المقامرة” ب”المغامرة”، و”الصوت” ب”التصويت”، و”الدُّخْنَة أو السِّيكار” ب”السيجارة”، وأربعة آلاف بأربعمائة، والدوار (القرية) بالدوار (دَوْخَة)، والتحذير بالتحرير والتحضير…. حيث تشابهت الكلمات عند المقامر الذي لا يجيد سوى الحديث باستعمال مصطلحات من قبيل “خُمْس” و”خميسة” و”خَمَّاس” و”قِمَار” و”خمار” و”مُقامرة” و”مُقامر”….

المهم كان يتكلم…. ويخطب… “ما سكتش”، قال أحد التابعين -المغرر بهم-، في المقهى المجاور للقاعة، في منعرج الخروج من الدوار، بعد نهاية اللقاء، قبل أن يضيف لمخاطبه عبر الهاتف: “الحضور كان مزيان”. 

 أجابه النادل، بعفوية:  “أتعرف لماذا حضر بعض أهل القرية، لا ليستمعوا لتنجيم المُقامر صاحب الضيعة، وإنما ليكشفوا عفن الأفكار عنده، والأرواح، ومساوئ الأخلاق، وقبائح العادات، التي تسكن أجسادا مغلفة ومعلبة في  آخر أكياس الماركات العالمية”. 

هنا يعلق أحد الزبناء الذي كان يتابع المشهد: “والله حتى عندك الصح”.

 رد النادل مستشهدا بمقولة أحد الحكماء من الأهالي في الأعالي، عندما قال معلقا على قدوم  هذا المقامر الخاسر إلى الدوار، مستغربا:” لا أفهم حال هؤلاء القوم الذين يعانون من قساوة الطبيعة وغضبها ويستمعون إلى من غضب عليهم الله وأولي الأمر”.

بويبلان: منصة عالم التواصل