عندما يهوي المنصب إلى مستوى صاحبه 

حتى وقت قريب نسبيا، كانت المناصب العليا تتطلب شروطا صارمة تتمحور خاصة حول الكفاءة والتجربة والأخلاق، حيث لا يسجل أي إعتراض أو حتى تشكيك في نتائج المباراة لولوج منصب ما من هذه المناصب. كانت الصرامة والشفافية والكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص هي التي تؤطر الولوج إلى هذه المناصب في مختلف التخصصات، وفي مختلف الميادين، وكان مَن لم يحالفهم الحظ في ذلك يتقبلون النتائج، بل ويعترفون بأنهم قاموا بكل ما في وسعهم دون أن يتمكنوا من الوصول إلى ذلك المنصب، الذي يعتبرونه أكبر منهم، ويهنئون الفائزين بعد ذلك. 

لكن الآن، تغيرت الأمور، وتغيرت الضوابط المنظمة لتلك المناصب بإدخال وفرض، بطريقة أو بأخرى، عنصر الزبونية أو ما يسمى بالفرنسية( piston)، الذي أصبح أساسيا إلى جانب شكل من أشكال الرشوة في المناصب والمباريات والصفقات. 

لهذا انهارت المردودية، وتلطخت صورة الإدارة كما توضح ذلك رتبة البلد في ترتيب المؤسسات الدولية في هذا الإطار. 

واقع هذا الحال، الذي أصبحت حتى التشريعات تسايره، يذكرنا بقصة أحد التلاميذ، الذي لا يبذل أي جهد في دراسته عندما سأل أستاذه هل يمكن بكسله وتكاسله ولامبالاته أن يصبح في يوم من الأيام مسؤولا كبيرا في إحدى الإدارات؟

 فنظر إليه الأستاذ مستغربا، قبل أن يجيب بأن  ذلك من باب المستحيلات، حيث يتطلب المنصب العالي مؤهلات ومهارات عالية لتحمل المسؤولية وتحقيق أداء متميز. 

 لكن رأي أحد المجتهدين في نفس القسم كان مختلفا إذ فاجأ الأستاذ بجوابه قائلا: “في زمن التفاهة هذا من الممكن جدا أن يتخلى المنصب العالي عن المؤهلات العليا وينزل إلى  ادنى مستوى وبالتالي يمكن أن يصبح الكسول وزيرا ومسؤولا”.

لشديد الأسف، صدق التلميذ الحكيم!!

ب.أ‎