حكمة التلميذ الذي رفض التقاط صورة مع أحد مشاهير “الكووورة”

الحدث يأتي من عاصمة الأنوار تزامنا مع إنطلاق “البطولات” الاحترافية واللحظات الحماسية التي ينتقل فيها بعض الشباب إلى الملاعب للاحتفال بما يسمونه فريقهم أو “نجمهم” المفضل.

في هذه اللحظات تصلنا قصة هذا التلميذ الذي أرسل العبرة من باريس.

وهذه قصته التي خلقت حدثا على شبكات التواصل الاجتماعي.

طفل في العاشرة من عمره، لم يصل مبلغ الشباب بعد، ولكنه يحمل ملامح الفطنة والذكاء، والتبصّر بالأمور بل والحكمة والتّعقّل، يرافق أمه في الطريق، وفجأة وهما يعبران أحد الشوارع يصادفان لاعبا من مشاهير كرة القدم بأوروبا، تسرع الأم نحوه بلهفة، تريد أن تحظى بصورة لابنها مع هذا اللاعب النجم، فتنال الترحيب منه، ويقترب من الصغير لالتقاط “سيلفي” معه ، لكن هذا الصغير يفاجئ الجميع بردة فعل غير متوقعة، حيث يربأ بنفسه أن يقف بمحاذاة لاعب الكرة المشهور، ويرفض أن يلتقط صورة معه.

استغرب اللاعب الموقف، وهو الذي يتسابق حوله المعجبون والمعجبات سباقا محموما لالتقاط صورة معه، وسأل الطفل بكل فضول: لماذا ترفض أخذ صورة معي؟

– يجيب الطفل بنباهة نادرة: لأن ميدان اشتغالك هو وقت الفراغ عندي.

كرة القدم عندك احتراف؛ والاحتراف مرادف الحرفة والصنعة والعمل، وكرة القدم عندي لعبتي المفضلة التي أزاولها لكن وقت الفراغ، إنها وسيلة الإنسان للترفيه والمتعة، وتقوية البدن، والروح المعنوية.

فكيف يتحول اللهو الذي يقطع الفراغ حرفة لجلب الشهرة والمال؟ !!!

وكيف تتحول الرياضة إلى مجاراة لسعار اللذة المادية، ولهث خلف نجومية منتهية الصلاحية؟ !!!

ويضيف بنبرة التلميذ الذي خبر مجالس العلم يقول:

قدوتي أساتذتي وكبار الكتاب والأدباء والمخترعين والمفكرين ……. لا من يعرف إلا اللعب، بل ويتخذه الغاية والهدف!!

بعض الشبان والأطفال الذين تابعوا المشهد عن قرب وكانوا في البداية ينتظرون إشارة اللاعب المذكور لالتقاط صورة معه رفضوا بدورهم في النهاية هذه الصورة “سيلفي”، مما خلق إحراجا وإزعاجا للاعب الذي لم يستوعب ما جرى.

هنا تدرك الأم ويدرك جميع من حضر ما يأسف له كل عاقل، وما نغوص فيه من أوحال الأوهام، ويكتشفوا ضحالة التفكير وضيق الأفق الذي يتوارى خلف التصفيق الأرعن والهتاف المحموم لشهرة مزيفة.

لقد فهموا معنى جواب الصغير: لأن ميدان اشتغالك هو وقت الفراغ عندي.

وعَقلوا أن هذا التلميذ النبيه يرفض أن يتحول الترفيه واللهو عملا ومهنة للارتزاق، ويؤمن بالعمل الجاد المثمر الذي ينهل من معين العلم، ويستقي من مشاربه، فيكون صاحبه كالقمر يرفع الناس رؤوسهم لكي يروه ويستضيئوا بنوره، لا ” كالدخان يعلو بنفسه وليس به للانتفاع نزوع”.

فهل يفهم من يقرأ هذه القصة مغزى جواب التلميذ وتصرف الشباب والأطفال الحاضرين؟؟؟؟

د. ب.أ