خبايا ما يسمى ب”المؤثرين” والأنشطة التيكطوكية

يسمونهم بالمؤثرين والمؤثرات رغم ضعف تكوين أغلبهم، وغباء البعض منهم، وتفاهة البعض الآخر، ويتقاسمون محتواتهم الرديئة على شبكات التواصل الاجتماعي وغير الاجتماعي على أساس انهم مؤثرون، مع العلم بأنه لا علاقة لهم بالتأثير، الذي يتطلب مؤهلات علمية وتجربة وبعد نظر وحكمة، لتكوين رأي سديد يمكن أن يأخد به الرأي العام، كما يتطلب القدرة على استعمال أدوات وتقنيات الإقناع لتصل الرسالة.
إذن، فالأمر واضح هنا: “فاقد الشيء لا يعطيه”.. لا تأثير لهم ولا هم يحزنون!! لنحاول فهم ما يقع:
هناك فرضية تقول إن ما نتابعه ونلاحظه على بعض منصات التواصل الاجتماعي، وغير الاجتماعي، هو إنتاج جهات ما تستغل الهشاشة الفكرية لهذه الكائنات الإفتراضية، لأهداف تجهلها هذه الكائنات ذاتها، والتي تستعرض وتعرض كل ما يسير في إتجاه ما تمليه عليها تلك الجهات المانحة أو الداعمة ويخدم مصالحها، وهكذا تتحول إلى بضاعة لتسويق بضائع أخرى، على أن يتم التخلي عنها بعد انتهاء صلاحيتها.
لاحظنا مؤخرا كيف أن إحدى هذه الكائنات التي لقبوها ب”المؤثرة” (number one)، والتي كانت تصول وتجول بمحتواها على الشبكة العنكبوتية، الذي يقودها إلى الفضاء العام والرأي العام، لاحظنا كيف تأثرت بشكل بليغ عندما أصبحت، هي نفسها بشحمها ولحمها وعطرها، موضوعاً في الإعلام وهي التي كانوا يوهمونها بأن تأثيرها لا حدود له ولا يمكن مقاومته، يعني أسلحة دمار شامل، ليتابع الجميع كيف نزعت لباس المؤثرة وارتدت ثوب الضحية بين عشية وضحاها.
المؤثر الحقيقي لا يتأثر، إذ هو الذي يمارس التأثير بنظره وكلامه وصمته وحضوره، وحتى بغيابه ومشاكله، حيث سجل التاريخ ولا يزال يسجل كيف لا يتأثر المؤثرون الحقيقيون أمام المحن مهما كانت قاسية، ومهما كانت أسبابها طبيعيةً أو إنسانية.
لاحظنا كذلك قبل بضعة أشهر، كيف كانت إحدى الفتيات في نواحي بني ملال، تحلق عاليا على الشبكة التكطوكية، يُضرَبُ بها المثل كمؤثرة ناجحة، حتى روجوا أن شركات عابرة للحدود تتسابق للتعاقد معها لإشهار إنتاجاتها، قبل أن يتضح للجميع في النهاية المأساوية أن مصدر أموال تلك الحياة الباذخة كانت تأتي من الدوار الذي وافتها المنية به، رحمها الله… أما قصة النجاح التكطوكية، فيبدو أن الجهات التي كانت تروج لها، كانت تبحث عن “مؤثرات” جديدات لخلق “منافسة” في الميدان.
لقد تابع الجميع كذلك، كيف كان أحد العاملين في ميدان الفرجة بالدار البيضاء يقود شبكة للدعارة بمختلف أنواعها وأشكالها وابتزازاتها، تحت غطاء “النشاط التيكطوكي” وما جاوره، قبل أن يتم تفكيك تلك الشبكة ومتابعة المتورطين في خلاياها.
يتضح الآن أن مجموعة من الأنشطة والممارسات، التي يُجَرّمها القانون ويرفضها المجتمع، تمارَس تحت غطاء الأنشطة التكطوكية وما يسمى بالتأثير وصناعة المحتوى، وهوالأمر الذي لم يعد ينطلي على أحد من العارفين بهذه المجالات التواصلية!!
بقلم الدكتور بالقاسم امنزو
تعليقات 0