مساعدة الغير: سلوك فطري أم مكتسب

كل شخص منا صادف في مساره شخصا مد يده له. فكم من شخص ساعد شخصا آخر في محنة: أقرضه مالا، ساهم في تربية أيتام في الخفاء، كان سببا في ترقيته. كم أستاذا قام بإلهام تلميذ أو طالب، كم من شخص صادفنا في حياتنا وقام بتوجيهنا ونصيحتنا لاختيار القرار الصائب.
مساعدة الغير، سلوك جميل إنساني محض ينبع من الإحساس أن الآخر في حاجة إليك.
مساعدة الغير تتجلى بالكلمة الطيبة، بالتعامل بمسؤولية في الوقت المناسب.
مساعدة الغير هي تصرف أخلاقي، ينطلق من إحساس عميق أن الشخص الذي أمامنا بحاجة إلى مساعدة.
في بعض الأحيان، مساعدة الغير تكون واجبا أمام حالة صعبة، شخص يغمى عليه، أو يهاجَم جسديا، امرأة حامل تريد حمل شيء ثقيل، كفيف يريد قطع الطريق، طفل يحاول فهم مسألة صعبة، عجوز لا يستطيع إدراك غرض ما… هناك العديد من الأمثلة التي يمكن سردها، حالات إنسانية واجتماعية تتطلب الاستعانة بشخص آخر للقيام بعمل ما. مساعدة الغير تنبع من أشخاص يستطيعون ترقب الخطر أو يحسون بمعاناة الآخرين. ليس كل الأشخاص يقومون بهذه المبادرة، كم من أشخاص لن يحركوا ساكنا أمام عنف شخص على شخص آخر كان امرأة، طفلا أو عجوزا، كم من شخص سيفكر في ترك المقعد لامرأة حامل، كم من شخص سيقوم بمساعدة شخص فقد الوعي في الشارع. البعض لن يحركوا ساكنا والبعض سيقومون بالمساعدة بتلقائية دون تفكير.
السؤال الذي يفرض نفسه: ما خاصية الشخص الذي يساعد دون غيره؟ هل مساعدة الغير تصرف فطري أم مكتسب؟ هل الشخص يولد كذلك أم أن ذلك نابع من تربية وتعامل منذ الصغر؟ الأم التي تطلب من طفلها أن يساعدها عندما تكون متعبة، الاعلان عن تعب، التواصل حول إحساس الأم بعد جهد في العمل أو المنزل… تعلم مساعدة الغير يبدأ بتلقينه الإدراك بحاجة الغير والإدراك يبدأ بالإعلان عن طلب المساعدة، لا يمكنه التخمين في بادئ الأمر، لكن بالإعلان يستوعب الطفل ضرورة المساعدة وخلق العلاقة بين الإعلان والحاجة للمساعدة، ومع مرور الوقت، يبدأ الطفل بالربط بين الأشياء. فالطفل لا يمكنه التخمين بل يجب على الوالدين القيام بتوعيته خاصة عندما يستضيف شخصا معاقا أو عجوزا أو عابر سبيل.
يجب توعيته بضرورة مساعدة هذه الفئة لأنها هشة، بحاجة إلى مساعدة لأنها لا يمكنها أن تكون مستقلة بذاتها في بعض الأحيان، وبعض الأحيان ليس لها مأوى ومعرضة إلى قسوة العالم الخارجي، والبعض لا يمكنه الاعتماد على نفسه.
لكي يتمكن الطفل من مساعدة الغير عندما يكبر، يجب أن يرى الأم أو الأب أو كليهما يتصرفان بلطف مع والديهما أو مع جيرانهما أو مع كل من يحيط بهما.
القدوة أساسية لكي يعيش الطفل في نمط تسوده المساعدة بدون مقابل، إذ باتباع المثل الأعلى سيتمكن الطفل من دمج هذا التصرف بطريقة نبيلة في الأوقات الحرجة.
مع مرور الوقت، سيتمكن من الربط بين الأمور، وسيتمكن من تطبيق تجربته مع والديه من خلال مواقف تتطلب مساعدة خاصة، وبذلك ستصبح مساعدة الآخرين أمرًا طبيعيًا وجزءا من حياته اليومية.
Mme Soleil de la Voix
تعليقات 0