الزراردة/تازة: قضية التزوير المفترضة تأخذ أبعادا خطيرة

بدأت قضية التزوير المفترضة في جماعة الزراردة بإقليم عمالة تازة،  والتي هزت مؤخرا الرأي العام المحلي والجهوي وحتى الوطني، تأخذ أبعادا خطيرة بعد الاستماع إلى كافة المعنيين بالأمر في هذه القضية، وتقديم الملف أمام النيابة العامة المختصة بتازة. 

الوقائع

قبل التطرق للمنعرج الجديد في هذه الواقعة ومستجداته، يجب التذكير بأن هذه القضية انفجرت عندما أكتشف أحد المواطنين، الذي سبق أن قدم طلبا إلى السلطات المختصة (وكالة الحوض المائي لسبو والمصالح المختصة بعمالة إقليم تازة) من أجل الحصول على ترخيص ثقبين مائيين في المنطقة، أن تزويرا ما طال ملفه، طالبا توضيحات في الموضوع، قبل أن يتوجه إلى القضاء المختص لإنصافه. 

بعد تقديم الشكاية أمام النيابة العامة المختصة بتازة، قامت هذه الأخيرة بعد دراسة الشكاية مع وثائق الملف،  بإحالة القضية على الضابطة القضائية من أجل  الاستماع إلى كافة المتدخلين في هذا الملف، بداية بالمشتكى به الرئيسي، (رئيس المجلس الجماعي للزراردة)، بعد أن أكد المشتكي شكايته أمام نفس المحققين، متشبتا بمضمون هذه الشكاية. 

حسب معطيات من مجلس جماعة الزراردة حصلت عليها منصة “عالم التواصل”، بعد الإستماع للرئيس المشتكى به وتدوين أقواله فى النازلة في محضر قانوني، تم إستدعاء الموظفة المسؤولة عن السجل الخاص بالجماعة لتقديم إفادتها في الموضوع. 

تصريحات واعترافات 

 تقول نفس المصادر من المجلس،  إن المعنية بالأمر قد تكون صرحت للمحققين بأن ما وقع يمكن تلخيصه فقط في عملية تصحيح معطيات تم تسجيلها في السجل، حيث تم تدارك الأمر بعد الخطأ، وتعديل ذلك، مؤكدة أنه لا مجال للكلام عن التزوير، قبل أن تنهار أمام أسئلة المحققين لتعترف بأن أحد التقنيين في الجماعة هو من طلب منها هذه الخدمة، بناء على تعليمات الرئيس، حسب ما أكدته عدة معلومات مستقاة من محيط الموظفة المذكورة وجماعة الزراردة، خاصة وأن المعنية بالأمر غادرت مقر التحقيق ولسان حالها يقول أنه تم الإيقاع بها، واستغلال طيبوبتها وصدقها ونزاهتها لتوريطها في القضية، مع العلم بأنها قامت فقط بتنفيذ تعليمات رئيسها الذي قد يكون هو من حاول توجيهها قبل الذهاب عند المحققين. 

 بعد هذه الواقعة، تضيف نفس المصادر، تم الإستماع للتقني المشار إليه، وربما يكون بدوره قد حاول في بداية المسلسل توريط الموظفة، لكن ذكاء الضابطة القضائية لن يسمح بذلك، خاصة وأن الحيلة افتضحت عند الاستماع للموظفة، التي تبقى بريئة من كل ما وقع.

آراء الأطراف

بناء على هذه المعطيات، التي تم استقاؤها من محيط المعنيين بالأمر ومن بعض أعضاء المجلس، يتضح أنه كانت هناك محاولة لتضليل العدالة، وهو ما يمكن اعتباره ظرفا للتشديد في هذه القضية، التي قد تنضاف إليها مسألة “إهانة الضابطة القضائية”، وذلك بالإدلاء بتصريحات غير صحيحة من شأنها تغيير مسار القضية. 

في هذا الإطار سألت منصة “عالم التواصل” أحد النشطاء في المجتمع المدني في الزراردة،  حيث عبر، بعد تردد، عن أسفه لما آلت إليه الأمور، مستغربا لما وقع بين منتخب وبين من سانده بالأمس القريب للوصول إلى رئاسة الجماعة. 

نفس الإستغراب عبر عنه أحد الأعيان في المنطقة مؤكدا أن هناك شيئاً ما وقع بين الطرفين وسط الطريق، رافضا الإدلاء بأي تصريح في موضوع التزوير المفترض.  

بعد هذه التحريات، اتصلت منصة “عالم التواصل” برئيس مجلس جماعة الزراردة، علي بوزردة، المنتمي منذ انتخابات 2021 لحزب التقدم والاشتراكية، لكن هواتفه ظلت ترن دون رد، حتى على الرسالة النصية التي كتبتها له منصة “عالم التواصل” لأخد رأيه. 

في بيان توضيحي نشره ردًا على تداول أخبار تتعلق برفع دعوى قضائية ضده، أكد “أن الدعوى القضائية الموجهة ضد رئيس الجماعة.. جاءت عقب تعرض قانوني مؤطر بالمسطرة الإدارية المعمول بها”، نافيا بشكل قاطع اتهامات التزوير.

في نفس الإطار تم الإتصال بالمستشار علي اصباب، عضو المجلس عن حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأحد قيدومي تسيير الشأن المحلي بالمنطقة، الذي اكتفى بالقول إن “القضية أمام القضاء المختص ومازلنا ننتظر نتائج التحقيق”. 

بعد ذلك، اتصلت منصة “عالم التواصل” بالمشتكي الذي رفض بلباقة التعليق على القضية مكتفيا بقوله: “اسمحوا لي من فضلكم.. ما عندي ما نقول لكم، القضية أمام القضاء”.  

مآل القضية

الآن، القضية أمام القضاء، حيث حسب آراء خبراء القانون،  قد يتم تقديم الملف أمام النيابة العامة المختصة بتازة، هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، لتقرر بعد الدراسة في مآله، بالحفظ، وفي هذه الحالة قد يتم تحريك المتابعة ضد المشتكي بتهمة التبليغ عن وقائع يعلم بعدم صحتها أو الوشاية الكاذبة، كما  يمكن بعد دراسة الملف متابعة جميع المتدخلين في القضية، او بعضهم فقط، كل واحد حسب درجة تدخله والتهم التي قد توجه إليه، أو إحالة الملف على قاضي التحقيق لتعميق البحث. 

واقع ومواقع

في إنتظار هذا المنعرج، يقوم معسكر الرئيس هذه الأيام بحملة شرسة على أوسع نطاق عبر جرائد حزبه، التي لم يسبق لها أن كتبت حرفا واحدا عن الزراردة ومياهها وعيونها، وحملة موازية على شبكات التواصل الاجتماعي وغير الاجتماعي، من أجل حشد الدعم السياسي ل”قضيته” وتسويقها على أساس أنها فقط محاولة لإسكات أصوات تدافع عن المياه الجوفية للمنطقة ومصالحها ونموها وازدهارها، علما بأن الطرف المقصود كان بالأمس حليفا أساسيا بل داعما بدون شروط لتجربة الرئيس، الذي قاد ال”حراك” في الجماعة أيام حراك الريف، وأيام كان حزبه مكلفا بشؤون الماء بالمغرب قبل إقالة المسؤولة عن القطاع، بناء على تقرير لمؤسسات دستورية في البلاد، ليكون الرئيس يذكّر الجميع بكل هذا، لفهم سياق مياهه، والسباحة فيها بهذه القضية التي هي الآن موضوع تحقيق وجب تجنب أي تسييس له، والإيمان بأن القضاء وحده هو الضامن لحقوق الأفراد والجماعات والساهر على تطبيق القانون.

ب.أ