قراءة في المشهد السياسي لتازة

تشهد مدينة تازة ودوائرها ودواويرها ومقاهيها وعدة فضاءات تابعة لها، خاصة من الناحية القبلية، في فاس وافران ومكناس والرباط ووجدة، في الأشهر الأخيرة، لقاءات واجتماعات و”كولسة” حول صيف إنتخابات 2026 لتجديد أعضاء مجلس النواب.
في هذا الإطار، يدخل ميدان المنافسة حول المقاعد الخمسة الخاصة بهذه الدائرة الانتخابية الشاسعة، التي تتكون من أربع جماعات حضرية وما يفوق الثلاثين جماعة قروية، عدة مترشحين، أغلبهم أعيان بالمنطقة لهم ارتباطات قبلية بها، منهم من يحاول الحفاظ على مقعده بالغرفة الأولى ومنهم من يسعى جاهدا إلى العودة بعد غياب دام لولاية أو أكثر ومنهم من يجتهد لانتزاع مقعد لأول مرة لدخول المؤسسة التشريعية.
حسب عدة معطيات، يسير حزب الميزان الذي يرأس الجماعة الحضرية لتازة بخطى ثابتة للظفر بالمقعد الأول في الدائرة متفوقا على ممثل الحمامة الذي غالبا ما سيحل في الصف الثاني، بينما سيكون المقعد الثالث، دائما حسب نفس المعطيات، دون منازع، من نصيب صاحب الوردة الذي دخل الميدان منذ عدة أشهر معتمدا على تقنيات تواصلية هادفة في “غرس” ازهاره في المنطقة دون إثارة انتباه خصومه، خاصة أنه بدون “سوابق انتخابية”.
في هذا المنعرج الانتخابي ، من المحتمل جدا أن يقود الجرار، هذه المرة، أحد الأطر (ابن تاهلة)، يشتغل في صمت وبحكمة وذكاء بعيدا عن الأضواء، ليفوز بسهولة محتلا المرتبة الرابعة، بينما المقعد الخامس في هذه الدائرة، تفيذ نفس المعطيات، سيكون محط منافسة شرسة بين الآخرين.
ومن بين أشرس المنافسين على هذا المقعد الخامس نجد الرئيس السابق للجماعة الحضرية لتازة (بإسم الجرار قبل عزله)، حيث سيظهر تحت لون انتخابي اخر وحجز هذا المقعد خاصة أن الحكم النهائي في قضيته لن يكون قد صدر بعد، وإلا سيدفع بأحد أتباعه المخلصين للظفر بالمقعد ودعمه، خاصة أنه يعرف جيدا التضاريس الانتخابية للمنطقة وخباياها ومناوراتها…. إذن سيرفع شعار “الكل للكل” للحفاظ على مقعده هذا أو تفويته لأحد أتباعه مع تخصيص وتوجيه كثلة كافية من الأصوات لضمان نجاح الإطار الذي سيقود الجرار لحسم المقعد الرابع لصالحه وتفاذي أي رد فعل من طرف قيادة الجرار.
في دائرة الصراع حول هذا المقعد الخامس هناك أيضا حظوظ وافرة ورياح تهب في صالح المصباح الذي قد يعود إلى دائرة الحسابات، مستفيذا من تراجع الناطق الرسمي بإسم “سنابل تازة” الذي غالبا ما سيقوم بالتنسيق مع الأركان العليا للسنبلة في الرباط لضمان مقعد لإحدى نساء العائلة الحركية في اللائحة الجهوية (أو الوطنية، حسب القوانين التي ستتم مراجعتها قبل هذا المنعرح الإنتخابي)، كما قام بذلك في هذه الولاية.
في دائرة الصراع حول نفس المقعد الخامس، تفيذ نفس المعطيات، يدخل أيضا “حصان” تاهلة في دائرة الحسابات مستفيدا من تراجع شعبية صاحب “الكتاب” بسبب خرجات قائده وكثرة ظهوره على الشاشة موجها أسئلة “انتخابوية” ومحاولة استمالة الشباب بملاعب القرب, مع العلم أنهم يطالبون بالشغل والمكتبات وقاعات المطالعة ودور الشباب، حيث قال أحد المواطنين في هذا الصدد مخاطبا رئيس جماعته بمناسبة إفتتاح أحد ملاعب القرب: “أبناؤنا يريدون مكتبات ودور الشباب وقاعات للمطالعة وتقريب المدرسة من الطفل، أما اللعب فأغلب هذه الأراضي التي ترى فهي صالحة للعب والفلاحة والرعي”.
كل هذه المعطيات، تقول مصادر مطلعة، تصب في صالح “حصان” تاهلة الذي يستعد، بعدما ضمن “ولاء” بوحلو وفتح قنوات التواصل مع جماعات قروية خاصة في دائرتي تازة وواد أمليل، (يستعد) إلى إغلاق جميع المنافذ في تاهلة ونواحيها في وجه خصمه الذي أطاح به في الاستحقاقات الانتخابية السابقة بتواطؤ مع بعض أعيان المنطقة وبعض المنتخبين المحليين في الزراردة وتازارين ومغراوة وبويبلان.
حسب نفس المعطيات، ستظهر في هذا المنعرج الانتخابي كائنات انتخابية أخرى، لا تقل وزنا في الساحة الانتخابية المحلية، منها من سيلعب دور الأرانب للإطاحة بالخصم ومنها من يطمح للفوز بهذا المقعد الخامس ومنها من يظن أن الخطاب السياسي وحده قد يكون وسيلة إقناع الناخبين لقلب موازين صناديق الاقتراع.
بناء على كل هذا يمكن الاستنتاج أن إنتخابات صيف 2026 ستكون مختلفة في أساليبها ومناوراتها عن سابقاتها في هذه المنطقة التي أعطت للوطن اطرا عليا في مختلف التخصصات والميادين، لكن لم تنصفها بعد صناديق الاقتراع بافراز وجوه تساهم بتميز في التشريع وتجويد القوانين والديبلوماسية الموازية ويحلون محل المواطن لمراقبة الأداء الحكومي.
الدكتور بالقاسم امنزو
تعليقات 0